السعودية لم تعد راغبة في استمرار الحرب على اليمن لأسباب سياسية واقتصادية.. والتفاهمات بين السعودية وأنصارالله تثمر
20 يونيو، 2016
651 9 دقائق
يمنات – RT
محمد الأحمد
على الرغم من مضي شهرين على مباحثات السلام اليمنية في الكويت، فإن الطرفين لم يتفقا على شيء؛ فيما تثمر التفاهمات السرية والعلنية بين السعودية وأنصار الله عن إجراءات مشجعة.
قبل بداية محادثات السلام، كانت هناك لقاءات سرية بين الجانب السعودي، الذي يقود التحالف العسكري الداعم للحكومة اليمنية، مع ممثلين انصارالله، شاركت فيها بلدان إقليمية ودولية. وهذه اللقاءات؛ هي التي مهدت لمحادثات الكويت. والتقدم الحاصل على طريق إحلال السلام في اليمن؛ هو حصيلة تلك التفاهمات، التي لم يكشف عن كامل تفاصيلها حتى الآن.
نتذكر أنه وقبل انعقاد محادثات السلام الحالية، كان اتفاق وقف المواجهات على جانبي الحدود بين السعودية واليمن قد أُبرم. ونتذكر أن فريقا من أنصار الله كان موجوداً في منطقة ظهران الجنوب في السعودية لعدة أسابيع، وخلالها فوجئ الجميع بتوقيع اتفاقات لتثبيت وقف إطلاق النار في مناطق المواجهات باليمن كافة، وتشكيل لجان رقابة محلية من الجانبين: الحكومي من جهة؛ وأنصار الله وحلفائهم من جهة أخرى. وذلك، قبل أن تعود الرياض وتتحمل كامل نفقات عمل هذه اللجان، وتقدم الآن خطة أشمل لتشكيل لجان عسكرية ومراكز لمراقبة آي خرق لاتفاق وقف إطلاق النار.
ولذا، فإن الصفقات، التي يتم إبرامها يوميا للإفراج عن المعتقلين من الأسرى بعيدا عن المحادثات الجارية في الكويت، هي تأكيد على فاعلية تلك التفاهمات؛ حيث تحتفظ السعودية بعلاقات قوية مع زعماء قبليين في اليمن. كما أن لها تأثيرا كبيرا على زعماء المجاميع المسلحة، التي تقاتل أنصار الله في أكثر من محافظة. وهذه كلها تقدم أدلة على أن القناة السرية قادرة على التوصل إلى سلام مقبول في اليمن، وأن مهمة الموجودين في الكويت ستكون في إخراج هذه الخطة إلى العلن فقط.
وبما أن الرياض هي أكثر بلدان المنطقة ارتباطا وتأثيراً في الساحة اليمنية منذ ستينيات القرن الماضي، حيث شكلت لجنة خاصة باليمن ترأسها حتى وفاته الأمير سلطان بن عبد العزيز، وهذه اللجنة لا تزال قائمة حتى اليوم، وعبرها رُصدت مساعدات مالية منتظمة وكبيرة لأبرز شيوخ القبائل والسياسيين والعسكريين، فإنها تدرك فاعلية الدور الذي تلعبه المكونات الاجتماعية في تفكيك القضايا المعقدة. وهذا ما ظهر من الاتفاقات الخاصة بالإفراج عن المعتقلين والأسرى في تعز والبيضاء ورداع والجوف. وينتظر أن تمتد إلى بقية مناطق القتال خلال الأيام المقبلة.
وكما تمكنت التفاهمات الثنائية بين الرياض والحوثيين من وقف القتال في معظم الجبهات، فإن رهان الدول الراعية للسلام، ومعها أيضا المدنيون في اليمن، هو على هذا التقارب في الوصول إلى اتفاق شامل لوقف الحرب والتفرغ لقتال تنظيمي “القاعدة” و”داعش”، والدخول في مرحلة إعادة إعمار ما خلفته الحرب من دمار. وهذا لن يتحقق حاليا بسبب التشدد الذي يبديه الجانب الحكومي في المحادثات.
وفي ظل حديث الجانب الحكومي المتواصل حتى الآن عن فشل محادثات السلام في تحقيق أي اتفاق بسبب رفض أنصار الله تسليم أسلحتهم قبل تشكيل حكومة شراكة وطنية، فإن الدور الفاعل للسعودية في الحرب، وتحرير محافظات عدة من قبضة الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق، ومنع سيطرتهم الكاملة على اليمن، وفي دعم الجانب الحكومي.. إن هذا الدور ما زال الرهان الأقوى لتجاوز هذا الخلاف والقبول بحلول وسط تجمع بين مطالب الجانبين وتقدم تطمينات لكل جانب بأن يكون طرفا في مستقبل اليمن.
ولأن ما هو واضح من أن السعودية لم تعد راغبة في استمرار القتال لأسباب سياسية واقتصادية، وأن هناك رغبة دولية أيضا لإنهاء هذه المواجهات لأن لاستمرارها مخاطر تتهدد الأمن الإقليمي والدولي، إضافة إلى ما يرتبط بالجانب الإنساني، وذلك بعد وصول 14 مليون شخص إلى مرحلة العجز عن الحصول على الغذاء، فإن المتحاربين سيُجبرون على تقديم تنازلات حقيقية تؤدي إلى تحقيق السلام الشامل.